برج ساعة الاعظمية في الاحتفالات
منذ اواخر العهد العباسي، بدأ المسلمون يحتفلون بذكرى يوم المولد النبوي الشريف، على مدى واسع.
واول احتفال عظيم بهذه المناسبة الكريمة، اقيم في مدينة [اربل] ,وهي اربيل في عهد الامير مظفر الدين كوكبوري.
ثم اخذت مدن العراق تنافس مدينة اربل في هذه الاحتفالات، وامتازت الاعظمية بتلك الاحتفالات، وحسن تنظيمها، واعداد الطعام للزوار والمحتفلين، وقد اشارت بعض المصادر، الى تجمع اهل بغداد في الاعظمية ليلة المولد النبوي الشريف ويومه. وقد خصص كثير من المحسنين مبالغ معينة، لانفاقها في احتفالات المولد النبوي الشريف في الاعظمية، ومنها اوقاف كرود خليل باشا في الصليخ فقد اوقف خليل باشا، تلك الكرود والاراضي الزراعية، لتصرف واراداتها في اعداد الطعام للزوار والمحتفلين بالمولد النبوي الشريف، في جامع الامام الاعظم.
وترتفع راية العراق أبدا ..وتتواصل الاحتفالات ليلا..رغم منع التجول!
وكان المشرفون على الاحتفال يقومون باعداد الطعام في [كلية الامام الاعظم]، وتنقل منها اربعة قدور كبار [صفريات]، يتسلمها مختارو المحلات الاربع في الاعظمية، ويوزعونها بين بيوت المحلات، وكل مختار يتولى الاشراف على توزيع الطعام في محلته، وذلك بقصد التبرك، ولا يوزع الطعام في الكلية والمسجد، على الزوار والمحتفلين، وكان الزوار يأخذون بعضاً من الطعام الى بيوتهم في بغداد، والمدن الاخرى.
الافراح تكتمل بتوزيع العصير والحلويات في ذكرى المولد
وفي العهد العثماني نشرت جريدة [الزوراء] 1872 ميلادية خبراً عن احتفالات المولد النبوي جاء فيه [بناءً على العادة المستحسنة الجارية من قراءة المولد النبوي الشريف في جامع رئيس مذاهب أهل السنة والجماعة لحضرة الامام الاعظم، والهمام الاقدم في كل شهر ربيع الاول من كل سنة فكذلك نهار امس وهو يوم الاثنين دعيت كافة مأموري الملكية والعسكرية وتعطلت الدوائر في اليوم المذكور وقد قرىء المولد الشريف بكمال الادب والاحترام فتنورت قلوب الناس مجتمعة وانجلت مرآيا ابصارها وبعد القراءة اجريت الضيافة المكملة من دائرة الاوقاف على المعتاد]. وهذا ما يؤكد قدم هذه الاحتفالات في مدينة الاعظمية وتميزها بهذه العادة.
وفي عهد الاحتلال الانكليزي يوم 11 آذار 1917 دخل الانكليز بغداد وقد نشرت جريدة [العرب] وصفاً للاحتفال قالت فيه: [ما كادت تبزغ شمس الاثنين 12 ربيع الاول حتى هرع الناس لمشاهدة الاحتفال الذي يقام في الاعظمية.. اعاد الله هذا اليوم ويزيد في تبجيل اسم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على الامة الاسلامية.
اما في العهد الملكي فصارت الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف تأخذ نمطاً آخر ويعود ذلك الفضل الى المرحوم العلامة الحاج نعمان الاعظمي الذي كان يشرف على تنظيم الاحتفال واعداد الطعام ويوجه الدعوات الى كبار المسؤولين في الدولة ورجال الصحافة مع اعداد منهاج خطابي وتلاوة للمناقب النبوية الشريفة وهذا ما جعل الاحتفالات طيلة حياة الحاج نعمان الاعظمي مزدهرة حتى وفاته عام 1936 حتى صار الاحتفال اقل شأناً ورونقاً وذلك لأن القائمين على الاحتفال لم يملكوا عزيمة الفقيد.
وفي العهد الجمهوري كانت السلطة لا ترتاح الى احتفالات المولد في مدينة الاعظمية حيث كان الشعراء والخطباء يتعرضون الى مضايقات واعتقالات من قبل السلطة الى ان تولى المرحوم الدكتور ناجي معروف رئيس جمعية منتدى الامام ابي حنيفة مسؤولية الاحتفال، حيث بلغت الاحتفالات أوج عظمتها مما دعا الدولة الجمهورية الى احتضان الاحتفال ونقل وقائعه في التلفاز.
ساحة الامام الاعظم في احتفالات المولد النبوي
ويذكر ان الاعظميين يستقبلون الوفود من المحافظات والمدن العراقية الاخرى ويقيمون مآدب فخمة في مساجد الاعظمية.. وتبقى المساجد مفتوحة الى الصباح لاستقبال الزوار والمحتفلين وتقام حلقات الاذكار والامداح النبوية في جامع الامام الاعظم وبقية مساجد الاعظمية ..ويتم في يوم المولد النبوي الشريف عرض بضع شعرات للرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم والتي لا تعرض سوى في يوم المولد وفي ليلة القدر وفي ذكرى الاسراء والمعراج... الا ان هذه المدينة العريقة لم تحتفل بذكرى المولد النبوي الا بشكل محدود وليس كسائر السنين الاخرى وذلك خلال الاعوام الماضية بسبب ظروف الاحتلال وتدهور الوضع الامني.
ويقول سفير المقام العراقي حسين الاعظمي عن هذه الاحتفالات في لقاء مع صحيفة اهالي الاعظمية:
* المناقب النيوية الشريفة...مفردها منقبة وتتلى فيها المداح النبوية وتتكون من خمسة فصول يرتلها رجل يسمى الملا يجلس قرب البطانة المكونة من مجموعة اشخاص وهم يرددون الاشغال [التنزيلة] الملحنة حسب المقام الذي ينشده الملا او مؤدي المقام الذي يرافق الملا في اقامة هذه المنبقبة وتبدأ المنقبة بمقام الاونة وتنتهي بمقام المخالف وفي كل فصل تتخلل بين مقام واخر احدى التنزيلات الدينية سوى للملا عثمان او غيره.
وعــن الاذكــار يقول الاعظمي: مفردها ذكر يجتمع فيه الصوفيون ويقرعون دفوف خاصة يرافق هذه الدفوف آلة ايقاعية تسمى [الخليلة] ويرددون قصائد نظمت باللغة الدارجة في مدح الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم وتشعب هؤلاء الى عدة طرق [رفاعية قادرية سهروردية وبدوية نقشبندية].
وعن التهاليل يقول:مفردها تهليلة وهي ان يقف الصوفيون على شكل دائرة [حلقة] ويذكرون اسماء الله الحسنى بأصوات منسجمة واوزان خاصة ينبعث من بينهم م}دي مقام ينشر قصائد لشعراء صوفيون ويتوسط الحلقة رجل مرتدي لباساً خاصاً وهو لباس المولوية يستدير بمكانه بسرعة ويعمل بيده حركات متنوعة ويفرش في الدوران لباسه العريق وسط هذه الحركة. اما الواقفون فهم يوحدون بلفظة [دايم الله حي] ولفظة [لا الله اله الا الله] وحسب اصول متبعة اما رئيس هذه التهليلة يسمى شيخ الحلقة او المرشد.